لم يكن يعلم اللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، أن القدر كان ينتظره ليكتب فصلًا جديدًا من فصول جبر الخواطر، كما اعتاد أن يفعل مع أبناء المحافظة.

في صباح يوم عادي، انتهت جولته التفقدية لموقف سيارات بني مزار، واستعد للمغادرة، لكن القدر كان له رأي آخر، فقد استوقفته أصوات سيدات عزبة طهران وهن يستغثن به، بصوت مفعم بالحاجة واليأس، لم يتردد المحافظ لحظة، فنزل من سيارته وتوجه صوب السيدات اللاتي كن يحملن في عينهن معاناة كبيرة.

كانت السيدات، اللاتي تحملن على وجههن ملامح البساطة والفقر، تروي له معاناتهن من ارتفاع تكاليف سيارات الكسح التي لا غنى لهم عنها لتصريف مياه الصرف الصحي، ومع تفاقم المشكلة، بدأ الأهالي يتجمعون حول المحافظ، ليكشفوا له أنهم يواجهون نفس المشكلة في كل مرة، في ظل تكاليف باهظة يضطرون لتحملها.

استمع اللواء كدواني إلى الشكوى بعناية وتفهم، ليقرر فورًا اتخاذ إجراءات حاسمة لحل هذه الأزمة التي أثقلت كاهل الأهالي، ووجه محافظ المنيا مجلس مدينة بني مزار بتوفير خدمة كسح الصرف الصحي مجانًا للمواطنين، على أن تستمر هذه الخدمة حتى يتم الانتهاء من توصيل شبكات الصرف الصحي إلى المنازل.

ولم يتوقف المحافظ، عند هذا الحل، بل قرر أيضًا تغطية إحدى الترع الصغيرة التي تمر بالقرب من مدخل العزبة، وذلك حفاظًا على صحة وسلامة المواطنين.

تجسدت في تلك اللحظات معاني المسؤولية الحقيقية، عندما قرر المحافظ أن يكون حاضرًا بمواقفه الميدانية لمساندة الأهالي في مشكلاتهم اليومية، ولم يكن هذا مجرد قرار إداري، بل كان استجابة فورية لنداء المواطنين، تأكيدًا على أن القيادة الحقيقية هي التي تلمس احتياجات الناس وتعمل على تلبية مطالبهم.

هكذا، أصبحت تلك اللحظات عنوانًا آخر من عناوين جبر الخواطر الذي طالما اعتاد أن يقدمه اللواء عماد كدواني، ليظل بذلك محافظًا قريبًا من قلب الناس، يشاركهم همومهم ويحقق لهم ما يصبون إليه.