في قلب محافظة المنيا، يتربع شارع ابن خصيب كأحد أقدم وأشهر الشوارع، شاهدًا على عراقة المدينة وتحولاتها عبر الزمن. هذا الشارع لم يكن مجرد ممر تجاري أو سكني، بل كان مركزًا للحراك الاجتماعي والثقافي على مدار قرون.

في هذا التقرير نستعرض معًا أصل تسمية الشارع، أهميته التاريخية والحالية، وأبرز معالمه بعد التطوير.

أصل التسمية: من أين جاء اسم "ابن خصيب"؟

ترجع تسمية الشارع إلى حقبة زمنية قديمة، حينما كانت المنيا تُعرف باسم "منية ابن خصيب". و"ابن خصيب" هو شخصية يُقال إنها تعود إلى العصر الفاطمي أو الأيوبي، حيث كان يتمتع بنفوذ اقتصادي واسع. ويُعتقد أن هذه الشخصية كانت تمتلك مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في المنطقة، فأطلق السكان المحليون اسمه على القرية التي نمت لاحقًا لتصبح مدينة المنيا الحديثة.

ومع مرور الوقت، ظل اسم "ابن خصيب" مرتبطًا بالمكان، حتى أصبح شارعًا رئيسيًا يحمل هذا الاسم تخليدًا لذكراه.

أهمية شارع ابن خصيب في المنيا

يُعد شارع ابن خصيب من أهم الشرايين الحيوية في مدينة المنيا، نظرًا لموقعه الاستراتيجي الذي يربط بين عدة مناطق حيوية مثل ميدان الثورة (بالاس سابقًا) وكورنيش النيل. الشارع يعج بالحركة على مدار الساعة، فهو مركز تجاري مهم، حيث تنتشر به المحلات، البنوك، والمطاعم، مما يجعله مقصدا رئيسيًا لأهالي المدينة والزوار.

التطويرات الحديثة للشارع

في إطار خطة محافظة المنيا لتحديث البنية التحتية وتحسين جودة الحياة، شهد شارع ابن خصيب مشروع تطوير شامل خلال عام 2023/2024. تضمنت أعمال التطوير:

• إعادة رصف الشارع بالكامل باستخدام أجود الخامات.
• تحسين الأرصفة لتسهيل حركة المشاة.
• تطوير شبكة الإنارة العامة.
• إزالة التعديات على الأرصفة وتنظيم مواقف السيارات.

هدفت هذه المشروعات إلى تسهيل حركة المرور، وتوفير بيئة آمنة ومريحة للسكان والزوار، مما انعكس بشكل مباشر على النشاط التجاري في المنطقة.

أبرز معالم شارع ابن خصيب

يحتضن الشارع العديد من المنشآت التاريخية والمعاصرة، من أبرزها:

• مستشفى المنيا العام: واحدة من أقدم المؤسسات الصحية في المحافظة.
• قصر صاروفيم: قصر تاريخي يعبر عن فخامة الطراز المعماري للقرن التاسع عشر.
• فندق بالاس: كان ولا يزال من أهم معالم الضيافة للزوار.

كل هذه المعالم تجعل من شارع ابن خصيب ليس مجرد طريق، بل تجربة متكاملة تربط بين الماضي والحاضر.

يبقى شارع ابن خصيب رمزًا أصيلًا لعراقة مدينة المنيا، حيث تتداخل فيه ملامح التاريخ مع نبض الحياة اليومية. ومع جهود التطوير المستمرة، يواصل الشارع أداء دوره الحيوي كمركز للحركة التجارية والثقافية، محتفظًا برونقه الخاص الذي لا يتكرر.