عندما تتحول القيم إلى مشهد حي، وتتجسد الروحانية في فعل ملموس، تكتب المنيا بأحرف من نور فصلاً جديداً في سجل العطاء، حيث شهدت المحافظة تحت قيادة اللواء عماد كدواني، لوحة إنسانية نادرة، جمعت بين بهاء المظاهر وصدق المشاعر، في مبادرة غير مسبوقة تخطّت كل التوقعات.

موائد امتدت كسجاد من الكرم، جمعت تحت ظلالها ألف صائم يومياً من مختلف الفئات، لكن الروعة الحقيقية تجلّت في القوافل الخفية التي تسللت إلى البيوت كنسيم رحمة، تحمل السعادة في علب طعام، تصل إلى من عجز عن الوصول، بطريقة تليق بكرامة الإنسان قبل أن تشبع جوعه.

لم تكن الوجبات مجرد للطعام فقط، بل كانت بذوراً لإحياء قيم كادت تندثر، حيث تحولت ساحات الإفطار إلى منابر غير معلنة للوحدة الوطنية، جلس الجميع على بساط واحد، يأكلون من طبق واحد، في رسالة صامتة تقول: "نحن جسد واحد"، أما المنازل التي زارتها القوافل، فقد تحولت من ظلمة العزلة إلى نور الأمل، بإشارة بسيطة تقول: "أنت موجود في حسابنا".

«اللواء كدواني» لم يكتفِ بأن يكون حاكماً، بل اختار أن يكون أباً روحياً للمحافظة حوّل كلمات الخطابات إلى موائد عامرة، والوعود إلى قوافل تطرق الأبواب، ليكتب بذلك دستوراً جديداً للقيادة الإنسانية، ويؤكد أن المسؤولية تقاس أيضا بمدى ما تبنيه من جسور بين القلوب.

هذه ليست مجرد مبادرة عابرة، بل بصمة في سجل التاريخ الإنساني، تثبت أن أعظم المشاريع هي تلك التي تبدأ بإشباع معدة، وتنتهي بإرواء روح عطشى للحب والاهتمام، وفي النهاية، تبقى تلك اللحظات التي تحولت فيها لقيمات الطعام إلى قربات من المحبة، هي الأبقى في سجل الأعمال الخالدة.