في صباح هادئ بمحافظة المنيا، لم يكن يخطر ببال أحد أن أوراقًا تحمل أختامًا رسمية وتقارير طبية مفصلة قد تكون مجرد ستار لواحدة من أخطر قضايا تزوير المعاشات التي شهدتها المحافظة خلال السنوات الأخيرة.

منال. ط. م.، موظفة بإحدى إدارات التأمينات الاجتماعية بالمنيا، كانت تتمتع بثقة محيطها. لكن خلف هذا الوجه الرسمي، كانت هناك خطة محكمة لتزوير مستندات طبية بالتعاون مع أشرف. م. س.، بهدف الحصول على معاش تأميني دون وجه حق.

بداية الحيلة: تقرير طبي من وحي الخيال

قرر الثنائي إصدار تقرير طبي مزور منسوب لمستشفى المنيا الجامعي، وتحديدًا لقسم الرمد، يزعم أن أشرف فقد بصره كليًا. التقرير بدا رسميًا: توقيع طبيب، ختم المستشفى، ومحتوى طبي مفصل… لكنه كان خدعة كاملة.

بهذا التقرير، حصل المتهم على شهادة "ثبوت عجز كلي" وأرفقها بطلب لصرف معاش من هيئة التأمينات، التي وافقت بالفعل وبدأت في صرف المبالغ شهريًا، ليصل إجمالي ما استلمه إلى 84,926 جنيهًا في أقل من عامين.

العدالة لا تنام

لكن كأي جريمة، كانت هناك خيوط بدأت تتكشف. شبهة تزوير ظهرت، وتم فتح تحقيق عاجل من قبل النيابة العامة، التي تولت القضية تحت إشراف المستشار أحمد قورة، وبقيادة وكيل النيابة عمر عادل حسني.

التحريات أثبتت أن التقرير ملفق بالكامل، والأختام مزورة، كما تم العثور على محادثات صوتية بين المتهمَين تتعلق بتفاصيل التزوير والخطة التي نفذاها.

حكم العدالة: عشر سنوات خلف القضبان

لم تشفع الدموع أو التوسلات، فقد قالت العدالة كلمتها. محكمة جنايات المنيا برئاسة المستشار وائل شعبان حافظ، قضت بالسجن المشدد 10 سنوات على كل من المتهمَين، مع مصادرة المستندات المزورة وإلزامهما بالمصاريف الجنائية.

نهاية مؤسفة... ورسالة قوية

قصة "منال" و"أشرف" هي أكثر من مجرد واقعة تزوير، إنها تحذير صريح لكل من تسوّل له نفسه التلاعب بالأنظمة، واستهانة بالمال العام. لقد تحوّلت محاولة "ذكية" لصرف معاش غير مستحق إلى كارثة قانونية وانهيار اجتماعي.