في مشهدٍ يعيد نفسه كل حين، لكنّه لا يفقد شيئًا من قسوته، استيقظت مدينة ملوي التابعة لمحافظة المنيا على فاجعةٍ جديدة، حصدت أرواح 8 مواطنين وألقت بـ25 آخرين في براثن الألم والإصابات، إثر تصادم سيارة ربع نقل محملة بالركاب. 

مأساة جديدة، لا تختلف في تفاصيلها كثيرًا عن سابقاتها، لكنها تضيف أسماء جديدة إلى قوائم الفقد، ووجعًا جديدًا إلى قلوب لم تبرأ بعد من نزيف الحوادث الماضية.

السيارة "الربع نقل"، التي لم تُصمم يومًا لنقل بشر، باتت وسيلة المواصلات الأولى في القرى والمراكز، حيث تغيب الخدمات وتتوارى البدائل، وعلى صناديقها المكشوفة، يتكدس الركاب بلا حزام أمان ولا حماية، ليصبحوا في كل رحلة على موعدٍ محتمل مع الموت.

أهالي ملوي لم يعودوا يحتملون مزيدًا من الفقد، في كل بيت قصة، وفي كل شارع شهيد طريق، لذلك، علت أصواتهم بالمطالبة الجادة بسرعة تنفيذ مبادرة استبدال سيارات "البيك أب" بالميكروباص، وهي المبادرة التي طرحها اللواء عماد كدواني محافظ المنيا. 

الأهالي يرون أن الميكروباص، رغم كل ما يُقال عنه، يظل أكثر أمانًا، ويُعطي الراكب الحد الأدنى من الحماية والكرامة الإنسانية.

وفي استجابة جادة لصوت الشارع، يبذل اللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، جهودًا ملموسة لتنفيذ مبادرة استبدال سيارات البيك أب بالميكروباص، بالتنسيق مع الجهات التنفيذية المعنية، وبدراسة آليات الدعم والتمويل لتسهيل عملية التحويل على السائقين دون الإضرار بمصدر رزقهم. 

ويؤكد المحافظ، أن الحفاظ على أرواح المواطنين يأتي على رأس أولويات المحافظة، وأنه لا تهاون في مواجهة أية وسيلة تمثل خطرًا على حياة الناس.

"إحنا مش طالبين مستحيل.. إحنا بس عايزين نرجع لأولادنا سالمين"، قالها أحد المواطنين بعيون دامعة وهو يودّع جاره الذي راح ضحية الحادث الأخير.

الشارع في ملوي يغلي، والغضب يتصاعد، ليس فقط على فقد الأحباب، بل على التأخير في استبدال السيارات البيك أب بالميكروباص، لكن أمل الناس هذه المرة أكبر، مع تحرك رسمي بدأ يخطو بثبات نحو الحل، بقيادة محافظ يؤمن بأن الدماء التي تسيل على الطرق ليست قدرل، بل نتيجة تقصير يمكن وقفه بإرادة وقرار.