منوعات وغرائب

إبن خصيب .. حكاية «وقاد الحمامات» الذي ظلمه الخليفة فكانت المنيا جائزته

ابن خصيب هو اسم أحد أكبر شوارع مدينة المنيا وتحديدا بالقرب من ميدان بالاس والذي يسمى ميدان الثورة مؤخرا وكذلك يتوسط ميدان محطة المنيا وكورنيش النيل.

 

ويعد شارع إبن خصيب أبرز شوارع مدينة المنيا وأكثرها حيوية، نظرا لموقعه المتميز وسط المدينة فهو يربط بين مناطق مدينة المنيا.

وتشتهر محافظة المنيا تاريخياً باسم «منية ابن خصيب» نسبة لصاحب الحكاية التي سيستعرضها موقع الأول عبر السطور القادمة.

إبن خصيب
إبن خصيب

تاريخ شارع ابن خصيب بالمنيا

ظهر شارع ابن خصيب بمسماه الحالي الي النور أثناء تقسيم حي وسط مدينة المنيا عام 1916، و التي كانت تعرف وقتها بإسم أرض السرايا و هو الحي الممتد من ميدان الساعة جنوبا و حتى جمعية الشبان المسلمين شمالا و من منتزه فاروق ( جزء من كورنيش النيل حاليا ) شرقا و حتى شارع ترعة دماريس ( سعد زغلول ) و السكة الحديد غربا”.

قرر مجلس بلدي المنيا -يوازي مجلس المدينة حالياً- عام 1916 إطلاق اسم ابن خصيب على الشارع نسبة إلى أحد ولاة مصر في عصر الدولة العباسية حيث تنسب المدينة اليه مثلما تنسب إلى العارف بالله و أشهر أوليائها سيدي الأستاذ أحمد الفولي فيقال منيا الفولي أو منية إبن الخصيب، الذي كان له قصة مع مدينتنا.

قصة ابن خصيب وارتباطه بالمنيا

يحكي  المؤرخ الراحل موفق بيومي ابن قرية صندفا مركز بني مزار بمحافظة المنيا ، قصة ارتباط ابن الخصيب بعروس الصعيد قائلا: ” غضب الخليفة العباسي يوما على المصريين و أقسم أن يولي عليهم من أقل خدمه شأنا فلم يجد — من وجهة نظره الخاطئة — أحقر من إبن الخصيب وقاد الحمام الخاص به، حيث كانت مهنته جمع الحطب و غيره من مواد الوقود المخصصة لإشعال نار حمامات الخليفة لتسخين المياه و قلده هذا المنصب بالفعل متوقعا أن يبطش بالمصريين و يذلهم و لكن الرجل خيب توقعات سيده و سار — كما أجمع المؤرخون — بالناس سيرة حسنة فنقم عليه الخليفة و أمر بعزله و إقتلاع عينيه عقابا له”.

يضيف المؤرخ الراحل قائلا : ” بعد عزل الخليفة لإبن خصيب و فقأ عينيه بأيام جاء أحد الشعراء خصيصاً من العراق لمدح إبن الخصيب و لما علم بما جرى له صمم أن يلقي قصيدته بين يديه و كأنه ما زال واليا برغم علمه أن الرجل أمسى معدما لا يملك قوت يومه فأنشده قصيدة رائعة خالدة كان مطلعها : –

( هذا الخصيب و هذه مصر* فتدفقا فكلاكما بحر)

و بعد أن أنتهى منها و هم بالمغادرة إستوقفه الخصيب قائلا:

( و الله ما يكون جزاؤك أن أردك خائبا و كان قد اخفى عند القبض عليه و عزله جوهرة ثمينة بين ملابسه فأخرجها و أقسم على الشاعر أن يأخذها)، فلما علم الخليفة بالقصة تأثر و أحس كم ظلم الرجل فأستدعاه مكرما معززا إلى بغداد و أراد ان يعوضه فقال له «تمن علي » أي اخبرني بأمنيتك لأحققها لك فقال له في أول صعيد مصر موضع كذا و كذا من البساتين قاصدا المنيا فقال له هي لك فأطلق عليها منذ ذلك الحين منية — أي أمنية — إبن الخصيب،وحرفت لاحقا الى منيا و أضيفت لها اداة التعريف لتصبح «المنيا».

إبن خصيب
إبن خصيب

إبن خصيب .. ثاني أكبر شوارع المنيا يحمل اسمه

عودة إلى شارع إبن الخصيب الحالي و هو ثاني أكبر شارع تجاري بمدينة المنيا بعد شارع الحسيني الموازي له، و به العديد من معالم المدينة مثل السينما الصيفي — تم تعطيله و مقهى كيمو — تم هدمه — و قصر كنيسة الأدفنتست و المستشفى العام و يطل عليه قصر صاروفيم و فندق بالاس كما أن الكثير من كبار أبناء البلد الأصليين شيدوا بيوتهم و احيانا قصورهم فيه مثل آل عبدالله و الفحام و شاهين و الحكيم و مروان و غيرهم .

 

وذكرت بعض المصادر التاريخية أن إبن الخصيب هو أبو بكر إبن خصيب و كان مهتماً بالطب وعلوم الفلك وترجمت بعض مخطوطاته لليونانية والفارسية والعبرية.

 

منية ابن خصيب ورحلة إبن بطوطة

وعندما زار ابن بطوطه المنيا ذكرها في كتابه “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار” ووصفها بأنها مدينة خضراء كبيرة الاتساع؛ حيث قال : “ثم سافرت منها إلى مدينة منية ابن خصيب، وهي مدينة كبيرة الساحة متسعة المساحة مبنية على شاطئ النيل، وحق حقيق لها على بلاد الصعيد التفضيل. بها المدارس والمشاهد والزوايا والمساجد وكانت في القديم منية عامل مصر الخصيب”.

وقد كتب الشاعر الكبير علي أحمد بيومي قصيده المنيا القومية التي خلدت ذكرى أمنية ابن خصيب بأن يسكن المنية أو المنيا حاليا فقال ضمن ابياتها التي كانت تعزف في طابور المدارس في ستينات القرن الماضي: (بلغت المنى منية إبن الخصيب .. وحزت من المجد أوفى نصيب .. عرين المشير الحكيم الأريب .. و موطن طه العميد الأديب) .

كتب أحمد وجيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى